بقلم سماحة السيّد جعفر فضل الله (دام تأييده)
الحجّ عزّة المسلمين شكلاً، ويبقى المضمون...
للحجّ في التخطيط الإسلامي دورٌ كبيرٌ في إعادة إنتاج الأمّة الإسلاميّة، التي تغيب معها الفوارق العرقيّة والمذهبيّة وحتّى اللغويّة ـ إلى حدّ كبير ـ، لتتحرّك بأجمعها في رمزيّة صامتة في المناسك والشعائر؛ في الطواف حول البيت، وفي السعي بين الصفا والمروة، ثمّ في عرفات ومزدلفة ومنى، والحلق والتقصير والذبح والرمي؛ حتّى يكاد يشعر المرء أنّه مُحرِمٌ عن الكلام في الحجّ..
ربّما يكون وراء ذلك التأكيد على عنصر التأمّل في هذه المسيرة العباديّة التي تختصر في دلالاتها الرمزيّة مسيرة الإنسان في الحياة، التي تبدأ من الله وتنتهي إليه.. كما قد يكون وراءها التأكيد على الشكل العامّ للمسلمين؛ فالجميع يطوفون حول البيت معاً، وهم يسعون جنباً إلى جنب، نفس المسافة، ونفس عدد الأشواط ونفس الوجهة، وهم يبرزون إلى ربّهم في صعيد عرفات، ويفيضون منه جميعاً إلى المشعر الحرام، وينطلقون صبيحةَ العيد بأيدٍ تعرف وجهة رميها وهدفه، فهم يرجمون الشيطان، بكلّ ما يرمز إليه في تجسّدات الحياة، إنساً أو جنّاً،